الجوامع الأثرية في مدينة دمشق

أهلاً بكم في مدونة الجوامع الأثرية في مدينة دمشق..

تذخر مدينة دمشق بالكثير من العناصر الفنية والتراثية والمعمارية الممتدة عبر العديد من العصور باعتبارها اقدم عاصمة في التاريخ..
في هذه المدونة سيتم التخصص في فن عمارة المساجد الأثرية باعتبارها من أجمل الموارد السياحية في مدينة دمشق والتي تعاني من قلة الاهتمام بها سياحياً .. على الرغم من الأهمية الكبيرة للسياحة الدينية فيها ..
أترك لكم هذه المقالات المتنوعة للتعرف على هذا الفن الرائع مع تمنياتي بالفائدة للجميع..

الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

الجامع الأموي في دمشق



كان موقع الجامع الأموي سوقا تجاريا وأصبح معبدا في القرن الميلادي الأول (معبد الإله حدد الآرامي) وبعد انتشار الديانة المسيحية وفي عهد الإمبراطور الروماني تيودوس الأول 379 م – 395 م تحول المعبد إلى كنيسة باسم كنيسة القديس يوحنا المعمدان الموجود ضريحه داخل الجامع والمعروف أيضا باسم (النبي يحيى)، وأهم الآثار المسيحية المتبقية رأس القديس يوحنا المعمدان وجرن المعمودية، وهو جرن رخامي عظيم القدم تظهر على جوانبه آثار المستحاثات. 
‏‏ولم يبق من آثار هذا المعبد الذي بلغت مساحته 300× 380م، إلاّ لوح من الحجر البازلتي الأسود نحتت عليه صورة لأسد مجنح وقد عثر على هذا اللوح الحجري في الجدار الشمالي عند القيام بإعادة ترميم الجامع وإصلاحه، وهو محفوظ في المتحف الوطني بدمشق حتى الآن. 
بعد فتح بلاد الشام من قبل المسلمين أصبح نصفه كنيسة ونصفه مسجد ، عندما تولى الوليد بن عبد الملك الخلافة أخذ بقية هذه الكنيسة وهدمها وعمر المسجد.
 قام سنة 86هـ (الموافق ل 705م) بتحويل الكنيسة إلى مسجد، وأعاد بناءه من جديد، وكساه بالفسيفساء.
-موقع الجامع الأموي ضمن دمشق القديمة-
جلب الوليد لإشادته أمهر الصناع والبنائين من روما ،وقام بأعمال البناء وما يتعلق بها أكثر من 12 ألف عامل، واستغرق بناؤه نحو عشر سنوات من عام 705 وحتى عام 715 وقد بلغت كلفة الجامع في ذاك الوقت نحو 11 مليون دينار بما أحيط به من زخرفة متنوعة ابتداء من الرخام الذي كان يغطي جدران الحرم وأجزاء كثير من عضادات واجهة الحرم المطلة على الصحن ،وقد استخدمت الحجارة المنحوتة في اشادة الجامع التي كانت قائمة في سور المعبد الخارجي وهذا ماتدل عليه النقوش الاغريقية الموجودة في حجارة البرجين إلى عصرنا الحالي حيث مئذنتا الجامع الشرقية والغربية .











والخشب المزين بالنقوش الجميلة والموشى أحياناً بالذهب الذي يشغل سقف الحرم والفسيفساء الزجاجية التي كانت تغطي جميع الجدران تقريباَ ..ومايزال بعضها حتى اليوم في الواجهة المرتفعة وسط الحرم وعلى جدران الرواقين الشرقي والغربي للصحن 


كما كانت ارضية الصحن مفروشة بالفسيفساء الحجرية  بالإضافة الى الكتابات البديعة التي تلاحظ في أماكن متعددة من الجامع والزخرفة المعدنية على أبوابه

مخطط الجامع الأموي وأبرز معالمه:


أ- الصحن

هو عبارة من فسحة واسعة مكشوفة، مستطيلة الشكل تشغل النصف الشمالي من الجامع، يبلغ طولها نحو 105 م ،وعرضها 48 م، محاطة من جهات ثلاثة( الشمال والغرب والشرق) بأروقة مسقوفة قائمة على عضائد وأعمدة عددها ( 66 ) عمودا، تٖحمل طبقتين من العقود (الأقواس) الكبيرة و الصغيرة، عددها ( 65 ) قوس مفتوحة على الصحن.
وكانت أرضية الصحن مغطاة بالفسيفساء الحجرية، أما الآن فهو مرصوف بالبلاط الجيد بشكل كامل. وتمثل نهاية الرواق الخارجية الشمالية جدار الصحن الشمالي (جدار الجامع)، أما النهايتان الشرقية والغربية فتحتلهما بعض الغرف الكبيرة والمتطاولة، التي يشغل الشرقية منها مشهد الإمام علي ورأس الحسين بن علي، ويليهما ناحية االحرم باب الجامع الشرقي، بينما تعرف الغربية بمشهد عثمان بن عفان. ويتصل الصحن جنوبا  بحرم الجامع بمجموعة من الأبواب.

 يضم الصحن في أرجائه ثلاث قباب شهيرة وبركة ماء، هي:

قبة الخزنة: 


















وهي ما تعرف بقبة المال أو بيت المال. وتقع في الجزء الغربي من الصحن ويعود إنشاؤها إلى( 171 هـ) في عهد الخليفة العباسي المهدي، وبانيها هو الأميرفضل بن صالح بن علي. وهي عبارة عن هيكل مثمن الشكل مغطى بالفسيفساء، يقوم على تٙمانية أعمدة ذات تيجان من النمط الكورنثي، تقوم على تلك الأعمدة قبة رصاصية، ويبلغ ارتفاع القبة عن أرض الصحن ( 20 م)، وقطرها نحو ( 6م).

واستخدمت كخزنة لأموال الجامع، ومن ثم أصبحت مكتبة لكتب ومخطوطات الجامع النفيسة

قبة الساعات: 



وتعرف أيضاً باسم قبة زين العابدين. وتقع في الجزء الشرقي من الصحن. بنيت أيام الخليفة المهدي عام (160 هـ). سميت بذلك لأنها كانت تضم ساعات الجامع، وتبدو على شكل القلنسوة الرصاصية المحمولة على تٙمانية أعمدة. ويبلغ ارتفاعها عن أرض الصحن تٙمانية أمتار وقطرها نحو خمسة أمتار.
القبة كانت مبنية بالحجارة قديما وبعد الترميم بقيت على الأعمدة


قبة النوفرة:

أنشأت قبة الوضوء بداية في العهد العباسي وانهارت بعد وقوع زلزال في عام 1759م ، وقد جددت في العهد العثماني بأمر من والي دمشق عثمان باشا الكرجي.
تقع القبة في منتصف صحن الجامع فوق بركة مائية، مثمنة الشكل، تقوم على تٙمانية أعمدة أربعة ثخينة وأربعة أقل ثخانة. ، وهي مجوفة مثمنة في وسطها أنبوب ماء من النحاس يمج الماء إلى الأعلى. وكانت تعرف باسم قبة الوضوء، نظراً  لأنه كان ينتصب على جانبيها جذعا عمودين يحمل كل منهما هيكلاً معدنياً  مخرماً يستخدمان لأغراض الإنارة في شهر رمضان. وبعد أن أزالتها وزارة الأوقاف، أعادت إشادتها من جديد بعد التًرميمات الضخمة في التسعينيات من القرن العشرين.

قبة النسر :



هي إحدى إنجازات الوليد بن عبد الملك كأكبر قبة في المسجد الأموي ،  وقد جددت هذه القبة في عهد نظام الملك وزير ملك شاه السلجوقي في عام 1075، وقد قام صلاح الدين الأيوبي بتجديد ركن منها في عام 1179 ، وتم استبدال القبة الخشبية الأصلية وتم بناؤها من الحجر في أعقاب الحريق الذي وقع عام 1893 .

وتقع القبة فوق مركز قاعة الصلاة ، بارتفاع 45 م و قطرها 16 م، وترتكز القبة على طبقة تٖحتية مثمنة مع اثنين من النوافذ المقوسة على جانبيه. وتم دعمها بأعمدة الممرات الداخلية المركزية.




أما عن تسميتها بقبة النسر فيقول ابن جبير في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم:

"يشبهها الناس بنسر طائر، كأن القبة رأسه والغارب جؤجؤه، ونصف جدار البلاط عن يمين والنصف الثاني عن شمال جناحاه"
كما يوجد أيضاً داخل صحن الجامع عمودين ذي رأس نحاسي مزخرف كانا يستعملان للإضاءة.

ب - الحرم:

يشغل الحرم النصف الجنوبي من الجامع. وهو واسع جداً، مستطيل الشكل، طولو نحو 130م ،وعرضه 38م ، وارتفاع سقفه الوسطي نحو 18 م. ويتألف عموماً من ثلاثة أروقة طولية مميزة عن بعضها بصفين من الأعمدة المتوسطة ( 44 عمود: 22 عمود في كل صف)، باتساع متساوٍ فيما بينها.
ويقطع الأروقة الثلاثة في منتصف الحرم من الشمال إلى الجنوب رواق معترض (مجاز قاطع) بالغ الارتفاع يحمل في وسطه قبة النسر الشهيرة التي ترتكز على أربعة أعمدة كبيرة، ارتفاع الواحد منها عشرة أمتار وقطره خمسة أمتار.
وفي أواسط الجزء الشرقي من الحرم ضريح النبي يحيى عليه السلام أو القديس يوحنا المعمدان. نسيب المسيح، ولم يبق من آثاره المسيحية سوى جرن العماد ونقش باليونانية في مدح المسيح على أحد الجدران،وينفتح الحرم شمالاً على صحن الجامع عبر( 25 ) باب خشبي ضخم . وفي واجهة الحرم الجنوبية أربعة محاريب: محراب الصحابة ويصلي عنده المالكية، وهو في الجانب الشرقي
من الحرم، يليه غرباً في وسط الحرم مقابلة قبة النسر محراب الشافعية وهو المحراب الرئيسي وإلى جانبه منبر الخطابة. وبعده غرباً محراب الحنفية، ومن ثم محراب الحنابلة قريب  من الباب الجنوبي إلى الغرب منه للجامع الأموي، حيث ينفتح الجامع من خلال الجدار الجنوبي  للحرم عبر باب رئيسي على المدينة ويعرف باسم باب الزيادة.
ويضم الحرم في أعلى جوانبه على ( 106 ) نوافذ، بالإضافة إلى نوافذ قبة النسر الثماني. وفي الطرف الشرقي من الحرم يوجد مشهد عمر بن الخطاب (قاعة عرضية) بجوار المئذنة الشرقية، ويقابله في الطرف الغربي من الحرم مشهد أبي بكر الصديق (قاعة عرضية) بجوار المئذنة الغربية.
 

ج -المآذن:

 يضم الجامع الأموي ثلاث مآذن كبرى، هي: 

المئذنة الغربية: 


بنيت في عهد الوليد بن عبد الملك فوق البرج القديم للمعبد. وتم تجديدها في عهد قايتباي عام 1488م على الطراز المصري، ولذا فإنها تعرف بمئذنة قايتباي. يبلغ ارتفاعها نحو 65 م.

المئذنة الشرقية

تحتل زاوية الجنوبية الشرقية من الحرم، مشادة فوق قاعدة البرج القديم للمعبد. تم تجديدها في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1247 ، ورممت في القرن الخامس عشر الميلادي. كما جدد أعلاها في العهد العثماني متخذاً شكلاً مخروطياً، وتدعى مئذنة عيسى للاعتقاد بظهور المسيح عليها. وهي من أعلى المآذن في دمشق، إذ يبلغ ارتفاعها نحو (68 ).

مئذنة العروس:


 وهي المئذنة الرئيسية، وتقع في الجدار الشمالي عند الطرف الغربي من الباب الشمالي. ارتفاعها نحو (60 )، ينتصب هيكلها من سطح الأرض. وتعد من أجمل المآذن. أنشأها الوليد، ورممها عام ( 1304 م) ملكشاه أبو الفتح جلال الدولة. وقد استخدمت هذه المئذنة في العهد المملوكي كمنبر لظهور جحافل المغول الغازية من جهة الشمال، بإرسال إشارات ضوئية منها باتجاه القاهرة. وتم تجديد نصفها العلوي في عام 1915 م.
واستخدمت أيضاً منارة لمدينة دمشق، كما كانت تستعمل خلال القرون الوسطى للمنقطعين للتأمل والصلاة، ومنه انتشر نموذج المئذنة المربعة إلى سائر أنحاء سوريا وشمال إفريقيا والأندلس.


د- الأبواب والجدران:


للجامع الأموي أربعة جدران، ثلاثة تشكل جدران الصحن، والرابع الجدار الجنوبي للحرم.
ويقدر ارتفاع الجدران بنحو( 18 م). وشكلها الخارجي يشبه القلاع، حيث الحجارة الضخمة. ويضم الجامع أربعة أبواب رئيسية مفتوحة، هي:

الباب الشمالي: 





يقع على الحائط الشمالي للجامع تحت مئذنة العروس من ناحية
العمارة، ويؤدي إلى حي العمارة وحي الكلاسة. ويحتوي الباب في أعلاه على النص التالي: "بسم الله الرحمن الرحيم(ادخلوها بسلام آمنين) جدد هذا الباب  في شهر محرم سنة تسع وتٙماني مئة. عمر هذا الباب السلطان الناصر فرج بن برقوق .
وهو مؤلف من بوابة واحدة تطل على صحن فناء الجامع الأموي، وقد سمي بعدة أسماء نذكر منها باب الفراديس، وباب الناطفانيين لكونه كان يطل على الحي المشهور بصناعة الناطف، ويسمى أيضا باب الكلاسة نسبة إلى حي الكلاسة المقابل له، ويعرف أيضاً بباب العمارة نسبة لحي العمارة القريب منه.


الباب الغربي: 







يقع على الحائط الغربي للجامع مقابل ساحة المسكية، وهو مؤلف من ثلاث فتحات، حيث يوجد في الوسط باب كبير وإلى جانبيه بابين صغيرين، كما أن باب البريد يقابل باب جيرون، ويشرح المؤرخون العرب هذه التسمية بأن بريد هو شقيق جيرون، وهو ابن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح وقد سميت البوابتان الرئيسيتان باسمهما،ويطلق على هذا الباب أيضاً اسم باب المسكية نسبة لسوق المسكية المقابل له. جدد في عهد المماليك في سنة ( 819 هـ) بعد أن تعرض للتخريب قبلهم.


الباب الشرقي: 



وكان يعرف سابقاً  باسم باب جيرون. ويعرف حالياً باسم باب النوفرة لانفتاحه تجاه حي النوفرة، ومقهى النوفرة الشعبي الشهير. ويقع على الحائط الشرقي للجامع وهو مؤلف من ثلاث فتحات، حيث يوجد في الوسط باب كبير وإلى جانبيه بابين صغيرين، أما عن تسميته بباب جيرون فتوجد عدة نظريات تشرح ذلك، فالمؤرخون العرب ينسبوه إلى جيرون بن سعد بن عاد، ويعتقد أنه هو الذي بنى مدينة جيرون التي سميت لاحقا بدمشق، ويوجد تحليل آخر للاسم وهو لغوي مشتق من الجذر جار، وهو للدلالة على الأحياء المجاورة، ويطلق على هذا الباب الآن اسم باب النوفرة نسبة إلى النوفرة المقابل له . تم تجديده في أيام الملك المنصور عبد العزيز سنة ( 1405 م) ولا يزال قوس باب النوفرة كما هو مثلما كان قديماً.

الباب الجنوبي: 



ويقع في الجهة الغربية من الحائط الجنوبي مقابل سوق الصاغة،وهو الباب الوحيد المؤدي مباشرة لحرم المسجد، كما يعرف باسم باب الزيادة. وقد سمي بهذا الاسم لكونه أُحدث زيادة في سور المعبد عند بناء الجامع في عهد الوليد، كما يعرف باسم باب القوافين، ويعرف أيضاً باسم باب الساعات وينفتح داخلاً على الحرم مباشرة، وخارجاً على شارع بدر الدين الحسيني (سوق القباقبية) في مواجهة سوق الصاغة (سوق القوافين سابقاً ) الذي يقود إلى سوق البزورية.
وهناك بابان مسدودان: أحدهما في الجدار الجنوبي من الحرم، وكان يمثل الباب الرئيسي للمعبد القديم، وموقعو خلف محراب الشافعية. والآخر في الجدار الشمالي للصحن، إلى الغرب من الباب الشمالي، وكان يؤدي إلى مدرسة الكلاسة مباشرة. وقد تم إغلاقه سنة( 1174 ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق