جامع تنكز
يقع جامع تنكز في مدينة دمشق القديمة خارج السور، على العقار/ 1036 / في المنطقة العقارية بحصة وسنجقدار, غير بعيد من باب النصر الذي هدمه جمال باشا في مطلع القرن العشرين عند مدخل سوق الحميدية. تطلّ واجهته الرئيسية الجنوبية على شارع النصر، وتطلّ مئذنته الأثرية من الجهة الشمالية على ساحة الشهداء (المرجة) ، وتجاوره غرباً التكية المولوية ومبنى سكة الحجاز، ويجاوره شرقاً القصر العدلي .
وهو مشيّدة مملوكية , أنشأه نائب السلطنة المملوكية في الشام ملك الأمراء الأمير سيف الدين أبو سعيد تنكز الناصري في سنة 717هـ/1317م ، واكتمل بناؤه سنة 718هـ/1318م , وأنشأ إلى جانبه تربةً وحماماً. وهو الأمير الكبير المهيب , وصل إلى دمشق في عهد السلطان الملك الناصر سنة 712هـ/1312م , فتمكن من النيابة , وعظم شأنه , وهابه الأمراء بدمشق وأمن الرعايا , ولم يكن أحد من الأمراء ولا من أرباب الجاه في عهده يقدر على ظلم ذمّي أو غيره. ولم يزل في الارتقاء وعلوّ الدرجة حتى أصبح المقرّ الكريم العالي الأميري , ويلقّب بالأتابك القائدي , وينعت بمعزّ الإسلام وسيّد الأمراء في العالمين. ثمّ غضب عليه السلطان , فاستدعاه إلى الإسكندريّة سنة 740هـ/1339م وتأسف أهل دمشق عليه بعد أن حكم فيهم بالخير 28سنةً متتالية. ثم قضى الله فيه أمره.ولما كان في سنة 744هـ/1343م حضر تابوته من الإسكندرية إلى دمشق , ودُفن في تربته التي أنشاها شرقي جامعه , وتنكز كلمة تركيّة تعني البحر. عُرف بأعماله المعماريّة والعمرانيّة والخيريّة المتعدّدة ؛ فعمّر تربة لزوجته , ودار القرآن والحديث, وجدّد أبنية المساجد والمدارس, وجدّد القنوات ووسّع الطرقات في دمشق. وأنشأ 23 بلدة في سهل البقاع , بعد أن حوّل أراضيه من مستنقعات تعمّ معظمه إلى أراضٍ زراعيّةٍ غنيّةٍ , بعد أن حفر أقنية أفرغت مياه المستنقعات في مجرى نهر الليطاني. وأنشأ بالقدس رباطاً , وعمّر سور القدس , وساق إليها الماء وأدخله إلى الحرم , وعمّر على بابه سقاية , وعمّر بها حمامين وقاسارية. وعمّر بصفد البيمارستان والخان. وعمّر في القاهرة داراً عظيمةً وحماماً وحوانيت وغير ذلك.وله غير ذلك الكثير في سائر بلاد الشام من آثار وأملاك وعمائر.
في سنة 795هـ/1392م , أجرى الامير صلاح الدين بن محمد بن تنكز في عهد السلطان الظاهر برقوق إصلاحات شاملة للجامع ، فعاد أجمل ممّا كان. وفي القرن 9هـ/15م زاره البدري ووصفه وصفاً يبيّن مدى جماله وروعة بنائه ، وبقي محافظاً على بهائه حتى أواسط القرن13 هـ/19م. ففي سنة1247هـ/1831 م اتّخذه إبراهيم باشا المصري ثكنة عسكريّة. وأصبح في فترة الاستعمار الفرنسي مدرسةً حربيّةً حتى سنة1356هـ/1937م , حين أخلته فرنسا , فعاد جامعاً وصفه طلس بقوله:
"للجامع جبهة حجريّة طويلة فيها أربعة أبواب , اثنان منها يؤديان إلى القبليّة واثنان يؤديان إلى الصحن يحصران بينهما عشرون شباكاً على خط الاستواء. وبين الباب الأول الآتي من شارع جمال باشا(النصر) والباب الثاني مزولة رخاميّة. وإلى يمين الداخل من هذا الباب الأول قبة ضريح الواقف وولده. وأمام باب قبة الضريح باب يؤدي إلى القبليّة , وهي فسيحة عظيمة تقوم على عشرة قناطر تحتها عضادات متينة , من فوقها سقف من الخشب المتين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق