الجوامع الأثرية في مدينة دمشق

أهلاً بكم في مدونة الجوامع الأثرية في مدينة دمشق..

تذخر مدينة دمشق بالكثير من العناصر الفنية والتراثية والمعمارية الممتدة عبر العديد من العصور باعتبارها اقدم عاصمة في التاريخ..
في هذه المدونة سيتم التخصص في فن عمارة المساجد الأثرية باعتبارها من أجمل الموارد السياحية في مدينة دمشق والتي تعاني من قلة الاهتمام بها سياحياً .. على الرغم من الأهمية الكبيرة للسياحة الدينية فيها ..
أترك لكم هذه المقالات المتنوعة للتعرف على هذا الفن الرائع مع تمنياتي بالفائدة للجميع..

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

أشهر وأجمل 10 مساجد حول العالم


فيلم وثائقي قصير عن المسجد الأموي في دمشق مترجم إلى الإنكليزية


مساجد تحاكي التاريخ- مسجد الدرويشية


مساجد تحاكي التاريخ - مسجد التوريزي


مساجد تحاكي التاريخ- جامع الشيخ عبد الغني النابلسي


مساجد تحاكي التاريخ -مسجد القصب


مساجد تحاكي التاريخ- الجامع المعلق


مساجد تحاكي التاريخ- التكية السليمانية


جامع القلعي

جامع القلعي



من أعظم مساجد مدينة "دمشق"، يتميز "القلعي" بمئذنة جميلة ورائعة تعتبر من أجمل المآذن المملوكية التي بنيت في ذلك العصر في "دمشق" و"القاهرة"، بني بدون دعائم أو عضائد ليتفرد بطرازه المعماري عن نمط البناء المملوكي.

جامع القلعي :يقع جامع القلعي أو ( جامع الشامية ) في بدايات سوق مدحت باشا بين سوق القطن و بين سوق الصوف بمحلة الخضيرية في حي الشاغور داخل أسوار مدينة دمشق القديمة .
وسبب تسميته نسبة اللمذكور ابو جعفر القلعي وهو : عمر بن علي بن البذوخ القلعي المغربي . أبو جعفر المعروف بابن البذوخ .. طبيب ماهر في الأدوية والأمراض وعلاجها ، عالم بالأدوية المركبة والمفردة ، له معرفة بالطب ، أصله من المغرب ، سكن دمشق حيث كان له دكان للعيادة عاش طويلا وعمي آخر عمره ، وتوفي في الدكان بدمشق عام 576 هجرية الموافق 1180 للميلاد . 
كتب ملاحظات على كتب ابن سينا ومن كتبه : (حواش على قانون ابن سينا) و (شرح فصول أبقراط) و (ذخيرة الألباء) 
ويعتبر جامع القلعي في سوق مدحت باشا ، وهو من أروع المساجد التي بنيت في مدينة دمشق ، و المئذنة تعتبر من أروع مآذن العالم الإسلامي .
المئذنة : لها سقف خشبي يمتاز به ولا يوجد له مثيل إلاّ في عدد قليل من المساجد في العالم ، فسقفه الخشبي له شكل نصف دائرة ، ومنذ عشر سنوات تأثر المسجد بصاعقة جوية أدّت إلى تصدع رأس المئذنة وجداره الجنوبي الترابي .
فتم ترميمه وإصلاحه بطابع إسلامي أثري ، حيث تمّ ترميم رأس المئذنة وبناء جدار شمالي جديد وإصلاح شبكة التمديدات الكهربائية والمائية وإكساء الجدران بالحجر داخلياً وخارجياً ، وتنفيذ محراب حجري جديد ودورات مياه وموضأ جديدين وإزالة طبقة الطينة القديمة عن أحجار المئذنة وإظهار الحجر القديم وتركيب مانعة صواعق على رأس المئذنة. 

و المئذنة مربعة الجذع متعددة الطبقات ، ففي الطبقة الأولى مداميك حجرية عادية واسعة السطوح . وفي الطبقة الثانية الغنية بالعناصر الزخرفية فيوجد ثلاث نوافذ صماء في كل ضلع 



وتعتبر كل واجهة من واجهات المئذنة مختلفة على الواجهة الأخرى . فالواجهة الشرقية ، تختلف عن الواجهة الجنوبية رغم التشابه بينهما ، بينما الواجهتان الغربية و الشمالية تختلفان إختلافاً جذرياً عن الشرقية و الجنوبية . 

الوجه الجنوبي من جذع مئذنة جامع القلعي 

القسم السفلي الأول من جذع المئذنة الجنوبي : مركب على قاعدة مربعة الشكل أخذت شكل جدعها ومزود بشريط من الحجارة المدككة ، ويعلوه الجزء الأول الغنى بالزخارف و النوافذ المحرابيه الصماء والمنحوته بشكل دقيق و جميل جداً ، على حواف الأضلاع يوجد أعمدة لولبية تزينية رفيعة متوجة بمقرنصات صغيرة الحجم .

يتوسط كل ضلع ثلاث نوافذ محرابيه صماء مقوسة ، النافذة الوسطى أكبرهم حجماً بمنتصفها رسومات هندسة ومداميك أبلقية التركيب ، ومتوجة بمقرنصات خفيفة وفي أعلاها محفور( زهرة الزنبقة الدمشقية ) وعلى ما يدو فقدت جميعها حليتها القاشانية الزرقاء ، أما النافذتين الجانبيتين فتطل كل منهما على شرفة صغيرة وكأنها قواعد حجرية مكعبة مركبة على حواف الشرفة المقرنصة ومتوجة بقوس مدبب صغير بحجم فتحة النافذة الصماء



أما الطبقة الثانية من المئذنة .. فيحتوي هذا الضلع على إطار مربع بداخله بحرة كبيرة دائرية متشابكة و أطر حجرية بارزة مضفورة ومستديرة يجاورها أربع دوائر صغيرة ضمن إطار محزز ومزخرف يتوسط كل دائرة قمرية ، وعلى ما يبدو فقدت جميع القمريات حليتها الزرقاء الخاصة بها من القاشاني الزنجارية (الخضراء الضاربة للزرقة) ، و يليها مباشرة الشرفة المتخذة الشكل الدائري لكثرة أضلاعها والجاثمة على مقرصنات محفورة بشكل جميل رائع .، ويحيط بالنوافذ مقرصنات جميلة جداً .

جامع القاري ومئذنته المملوكية العثمانية

جامع القاري ومئذنته المملوكية العثمانية



يقع مسجد عمر الجلبي السفرجلاني المعروف بجامع القاري داخل أسوار مدينة دمشق القديمة بمحلة السعدية ، حارة حمام القاري بحي الخراب بين أحياء مئذنة الشحم و بين القيمرية بالقرب من بيت يوسف أفندي عنبر و الشهير بمكتب عنبر . الواجهة الشرقية لمسجد عمر الجلبي السفرجلاني المعروف بجامع القاري لمسجد عمر الجلبي السفرجلاني المعروف بجامع القاري جبهة حجرية جنوبية ، وجبهة شرقية فيها الباب ، وعلى الجبهتين تقوم مئذنة حجرية عالية حسنة الزخرفة ، وللجامع صحن مستطيل صغير فيه إيوان كتب على حائطه الغربي : بناء ذا الجامع تاريخه في آية جاءتك فاقرأ تجد لمسجد أسس على التقوى من أول يوم و جد سنة 1111 هجري . و بجانب إيوان الجامع يوجد حرم بيت الصلاة ، وله سقف خشبي قديم مزخرف كتبت على إطاره سورة الرحمن بتاريخ سنة 1110 للهجرة ، وفيها شباكان بديعا الزخرفة ، أما المحراب و المنبر عاديان



استحوذت هذه المئذنة على اهتمام كثير من الباحثين العرب والأجانب ، والتقطوا صوراً فوتوغرافية لها ، لإعجابهم بفن عمارتها ، ولجمال هيكلها ، ورقش جذوعها ، و تناسق أجزائها ، وكذلك لأنها تمثل الهيكل المعماري الشامي الأصيل الممزوج بين فن العمارة العثمانية والمتأثرة بفن العمارة المملوكية الماثلة إلى اليوم في مدينة دمشق . وتعود حقبة الصورة الى عام 1908 للميلاد . 



تضررت هذه المئذنة كما ورد في رحاب دمشق للعلامة محمد أحمد دهمان أثر زلزال دمشق الشهير سنة 1173 للهجرة الموافق 1759 أيام سلطنة السلطان العثماني عبد الحميد الأول ، فرممت ، ثم جُدد الجامع و ربما شمل المئذنة في عام 1345 للهجرة الموافق 1926 للميلاد 

صّنفت مئذنة جامع القاري بأنها مبنية على الطراز الشامي بتأثير مملوكي و أطلق عليها لفظ ( أرقش ) ، وهي من المآذن القليلة المشيدة في العهد العثماني على الطراز الشامي بتأثير مملوكي أرقش . 

فجذعها مثمن الأضلاع كثيف الرقش بالأشرطة البسيطة ، والأشكال الهندسية الحجرية ذات اللون الأسود كالمثلثات ، و المسدسات ، وأشباه المنحرف ، و النجوم ثمانية الرؤوس . 
يحمل هذا الجذع شرفة مثمنة تتدلى من أسفلها مقرنصات غنية منها مقرنصات عميقة الحفر ، و مقرنصات خفيفة بالتناوب ، ويحيطها درابزين حجري مزخرف مثمن الشكل ، يعلوه مظلة خشبية مثمنة على غرار الشرفة ومثبتة على الجذع العلوي المكون من طبقتين ، والمزدان بأشرطة أبلقية التركيب بيضاء و سوادء بسيطة ، والعلوية بأشرطة منكسرة الخطوط ، وينتهي رأس المئذنة بذروة بصلية على غرار المآذن المملوكية .

جامع الحبوبي - مئذنة الشحم


جامع الحبوبي - مئذنة الشحم





يقع جامع الحبوبي ومنئذنة الشحم داخل أسوار مدينة دمشق القديمة في جادة مئذنة الشحم المتممة لسوق مدحت باشا عند التقاء الجادة بزقاق ناصيف باشا أما تسميته بجامع الحبوبي فهو غير معروف الأصل ؟ و ربما يعود إلى الشيخ تاج الدين أبو الفضل يحيى الحبوبي الدمشقي ، كان من أعيان أهل دمشق ولي نظر الأيتام والحسبة ، ثم وكالة بيت المال ، يسمى أيضاً بمسجد السوق ، وهو مسجد صغير ليس فيه شيء يُذكر سوى محراب لطيف ، وله منارة حجرية مربعة الشكل جميلة سُميت المحلة كلها باسمها ( مادنة الشحم ) حسب لفظ أهل الشام من العوام لها وكانت تعرف قديماً بعقبة الصوف 

- مئذنة الشحم، كانت هذه المئذنة الخالدة في منتصف سبعينات القرن التاسع عشر ( رمزاً ) لمدينة دمشق ، وتم تشيدها طبعاً في العهد المملوكي ، ولا يزال قسمها السفلي محافظا على بنائه من ذلك العهد .
أما قسمها العلوي فقد تم تجديده في العهد العثماني ، و ترتفع في العمقعلى طول امتداد السوق ( قبتي خان سليمان باشا العظم ) واحدة كانت محافظة على شكلها و الثانية تهدمت ، ثم تبدو مئذنة جامع هشام تليها في العمق مئذنة جامع القلعي .
في جهة اليسار أرى قباب خان أسعد باشا العظم المتاخم لسقف سوق البزورية الشهير .
في العمق تبدو بصعوبة مئذنة جامع سنان باشا / السنانية و مئذنة المدرسة السيبائية أو جامع الخراطين في العقد الثاني من القرن العشرين . 
بقيت مئذنة الشحم أحقاباً متعاقبة مفصولة عن الجامع وبينهما زقاق ناصيف باشا إلى اليوم . وترتفع المئذنة فوق قاعدة حجرية مربعة ضخمة غير أبلقية لعلها آخر ما تبقى من المئذنة المملوكية ، وفوقها جذع مربع أيوبي الطراز أضيق قليلا من القاعدة ، مشيد بالمداميك الحجرية ذو الألوان المتناوبة الأبيض تارة و المزي الرماني و الأسود (الأبلق ) تارة أخرى ، وصولا الى الشرفة ذات اثني عشر ضلعا . وعليها درابزين خشبي بدائي الصنع ، ومظلة محمولة على أعمدة خشبية على نمط الشرفة ، وعليها ما يسمى ( بالخص الخشبي ) الذي يحمي المؤذن من أشعة الشمس و من أمطار الشام الغزيرة ، ثم يأتي الجوسق المسدس يعلوه محاريب صماء وصولا الى الذروة على شكل شبه خوذة قريبة من الذرى الأيوبية ، لتنتهي برمح قصير ذو تفاحتين و هلال مغلق ، وقد جرى تجديد ما ورد آنفا في فترات زمنية متفرقة

أما سبب تسميتها ( بمادنة الشحم ) غير معروف ؟ ؟ .. إلا أنها أطلقت على الحي الذي تقع فيه . 



أما الشرفة المربعة وما يليها فمن العهد العثماني كما أسلفنا آنفاً ، ويرتفع في رأس هذه المئذنة جوسق اسطواني الشكل بطبقتين تحملان ذروة هي أشبه ما تكون إلى نبتة البصلة منها إلى الذروة الصنوبرية لتنتهي برمح بثلاث تفاحات و هلال مفتوح إلى الأعلى ، وبذلك أصبحت من المآذن المهجنة بالتجديد . 

تقوم مئذنة الشحم على قاعدة حجرية ضخمة جداً و مكونة من أحجار كبيرة و ضخمة الحجم وهي أقدم عهدا من بناء جذع المئذنة ، و تتألف من أربعة مداميك من الحجارة الكلاسيكية الغير منحوتة ، ويبدو لي أنها كانت موجودة في مكانها الأصلي قبل بناء المئذنة . ثم يليها ثلاثة مداميك إسلامية منحوتة بشكل جيد مقولبة مائلة و متموجة الشكل ، و تليها مداميك مشيدة بحجارة صغيرة محفورة حفرا عميقا وهي بمثابة الطنف الفاصل بين بناء حجارة القاعدة الضخمة .

السبت، 21 سبتمبر 2019

جامع منجك

جامع منجك





يقع في محلّة ميدان الحصى عند جسر الفجل متوسطاً سوق ( الجزماتية )، أحد أشهر أسواق حي الميدان، بناه الأمير "ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن سيف الدين منجك الكبير" في حدود 815 للهجرة، و"منجك الكبير" هو نائب دمشق وصاحب المدرسة المنجكية وحمام منجك، وقد طرأ على هذا الجامع تعديل وتجديد، أهم ما بقي منه واجهته ومئذنته . ..

حيث كان المسجد صغيراً ومتواضعاً، ذات جذع أيوبي مربع بسيط ضخم في محيطه، فقام الأمير ناصر الدين بن منجك بهدم القديم أيام حكم السلطان الملك الأشرف سيف الدين برسباي، وبنى مكانه مسجداً أكبر منه والمعروف باسم (جامع منجك) جانب تربته التي دُفن بها لاحقاً، ليصبح المسجد بمئذنة طويلة شاهقة الارتفاع، في جذعها السفلي خطوط من الأبلق، يتخلل الجذعَ نوافذُ مفتوحة على شكل قوس، وتعلو الجذع شرفة خشبية بارزة، وقد أخبرنا الشيخ بدران في "منادمة الأطلال" أن حجارة بناء الجامع حُملت من أرض العمارة شمال سور دمشق ...

يعد من أشهر المساجد في الميدان وذلك لعدة أسباب لعل أهمها طرازه العمراني المميز ولأنه يقع في سكة الميدان أو ما يعرف بسوق الجزماتية حيث يصعب أن تجد إنساناً يقطن دمشق ولم يزر السوق وبالتالي لابد له أن ينتبه إلى هذا المسجد المميز بمئذنته التي تحمل ثلاث ذراً، وهي المئذنة التي تلفت انتباه مرتادي اوتستراد المتحلق الجنوبي، كل هذه الأشياء ساعدت على أن يكون هذا المسجد أحد المعالم الممميزة لحي الميدان الدمشقي
كان هذا الصرح مسجداً صغيراً متواضعاً، فقام الأمير "ناصر الدين بن منجك" بهدم المسجد القديم أيام حكم السلطان الملك الأشرف سيف الدين برسباي، وبنى مكانه مسجداً أكبر منه والمعروف باسم جامع منجك بجانب تربته التي دفن بها لاحقاً بدمشق، وقد جُدد الجامع مرات عدة في الحقب اللاحقة لبنائه، كما جدد في العهد العثماني، ثم تم تجديده تجديداً شاملاً وبشكل جديد في نهاية القرن العشرين».

كان شكل المئذنة القديمة قبل هدمها مربع الشكل وخالياً من العناصر الزخرفية ومن المقرنصات وبقية العناصر التزيينية، والمئذنة ذات جذع أيوبي مربع بسيط ومتقشف في عمارته ضخم في محيطه، والمئذنة طويلة شاهقة الارتفاع في جذعها السفلي خطوط من الأبلق، يتخلل الجذع نوافذ مفتوحة على شكل قوس وتعلو الجذع شرفة خشبية بارزة مجددة ووحيدة أخذت شكل الجذع تغطيها مظلة خشبية مجددة أيضاً، أخذت شكل الشرفة لتنتهي بجوسق بسيط فوقه ذروة بصلية».

يذكر أن المسجد جدد تجديداً شاملاً في العصر العثماني، وكان فيه أوائل القرن الرابع عشر الهجري مدرسة للشيخ اسماعيل الميداني.






جامع السنانية " سنان باشا"


جامع السنانية " سنان باشا"




جامع "السنانية" يقع خارج أسوار مدينة "دمشق القديمة" مقابل "باب الجابية" وسوق "باب سريجة"، والمتمم لسوق "الدرويشية".

جامع أثري يعود تاريخ بنائه إلى الحقبة العثمانية، حيث بُني في ولاية "سنان باشا" الذي كان والي "دمشق" بين عامي 988-998هـ، وتم بناء الجامع فوق جامع أقدم يدعى "جامع البصل"، يأخذ الجامع شكل المستطيل، يتميز ببنائه الأبلق داخلياً وخارجياً، أي مبني من المداميك الحجرية المتتالية التركيب السوداء والبيضاء، وفي الوسط الجبهة الحجرية الضخمة لواجهة الجامع فيها من الجانب الأيمن أربعة شبابيك حجرية ضخمة فوقها تيجان من "القاشاني" (أي الخزف الإسلامي الملون)، ومثلها على الجانب الأيسر، أما البوابة الرئيسية للجامع فهي بوابة مرتفعة وجميلة جداً، تزخرفها حشوات من "القاشاني" الجميل، وتم تثبيت لوحة رخامية على جانب الباب كتب عليها باللغتين العربية والفرنسية النص الآتي: (جـامـع الســنانيـة، بناه والي "دمشق" "سنان باشا"، سنة 998هـ، 1590م)»



البوابة غائرة عن مستوى جبهة الجامع بحوالي متر ونصف المتر إلى الداخل، وهي أبلقية البناء كما هي الجبهة، وقد تناسقت أبلقية الجبهة مع أبلقية البوابة، ولها باب خشبي مجدد عن الباب القديم الذي احترق مع حريق المسجد أثناء القصف الفرنسي الهمجي لتلك المنطقة عام 1925م، ويعلو البوابة الخشبية لوحات رخامية على طرفي البوابة مزهرة بزهرتين على اليمين وعلى اليسار وفيهما من "القاشاني" الشيء الجميل، تعلوها نقوش وزخارف ورسوم هندسية

أما الواجهة القبلية فهي تحفة من التحف الفنية الإسلامية مبنية من الحجارة السوداء والبيضاء والرخام البديع الزخرفة، تقوم على أربع قناطر ضخمة وتحت القنطرة الشرقية ثلاث قناطر 

صغيرة، تحتها ثلاث قناطر أخرى، وتحت القنطرة الشمالية الكبيرة سدة من الرخام البديع ذات أعمدة لطيفة وزخارف بديعة و"قاشاني" حسن وفيها شباكان زجاجيان لطيفان، وتحت القنطرة الجنوبية المحراب والمنبر وهما آيتان من آيات الزخرفة العربية الدقيقة، وللجامع منارة مدورة من الآجر "القاشاني" الأخضر يصعد إليها من باب في الصحن إلى جانب الباب الكبير»






يمكن وصف المئذنة بأن جذعها كثير الأضلاع لدرجة أصبح معها أقرب إلى الأسطوانة منه إلى الجذع المضلع، وتؤكد هذا التفرد ألواح "القاشاني" الزنجارية (أي الخضراء الضاربة للزرقة) التي تكسو جذع المئذنة بأعداد كبيرة، وتعلو الجذع شرفة أسطوانية محمولة على مساند من المقرنصات البسيطة يحيطها درابزين إسمنتي مفرغ وتغطيها مظلة خشبية على غرارها، وفوقها جوسق وقلنسوة مخروطية، تم تصفيح أضلاعها الكثيرة بألواح 

التوتياء المسطحة، وتتميز هذه القلنسوة بقدها الممشوق ورأسها المؤنف بشدة إذ تصبح معه قريبة من شكل "السروة" أو قلم الرصاص، وما زالت آية في الجمال من الفن المعماري "القاشاني"

الجمعة، 20 سبتمبر 2019

جامع محي الدين بن عربي


جامع محي الدين بن عربي



يقع جامع الشيخ محيي الدين بن عربي الفيلسوف المتصوف في حي الصالحية القديم، في منطقة تحمل اسمه، وهو يتوسط سوقا شعبيا مكتظا بالناس يطلق عليه اسم سوق الجمعة ، وفي شارع ضيق يفيض عن رواده· يمكن للمرء أن يمر من أمام الجامع دون أن ينتبه له من ضيق المكان· كما يمكن أن تخدعه الأجواء الصاخبة حول الجامع وهي على النقيض مما يتطلبه التصوف الذي عرف به ابن عربي والذي يحتاج إلى هدوء وسكينة· وهو في دمشق جامع أشهر من أن يعرف، تنذر له النذور، وتوزع أمام أبوابه على الفقراء·
ولد محيي الدين بن عربي في بلدة مرسية في الأندلس سنة (560 هـ /1165م) عاش فيها حتى بلغ الثامنة، ثم انتقل إلى إشبيلية، التي كانت العاصمة الفكرية للعالم الإسلامي في ذلك الوقت، وقضى فيها عشرين عاماً، حيث تلقى علوم الفقه والحديث والكلام، واطلع على المذاهب الفلسفية وسائر علوم عصره· انتقل بعدها إلى المغرب وأقام فيها حتى سنة (1201م)· زار تونس ومصر والحجاز وبغداد والموصل والقدس والخليل· ثم أقام في دمشق حتى وفاته سنة (638هـ/1240م)·
ألف ابن عربي في التصوف، وفي التفسير، ومال إلى الأدب، وكتب الرسائل إلى بعض الولاة والعلماء ومفكري عصره· وله معرفة واسعة في علوم الدين، وباع طويل في علم الكلام والتصوف، وله في ذلك الكتب والمصنفات التي تعتبر مراجع صوفية لا يمكن الاستغناء عنها، وعلى قدر من الأهمية والتفرد· كان يشار إليه بالفضل والمعرفة، جمع بين مختلف العلوم المكتسبة، كان صاحب علم وخلق، كان شيخاً جامعاً للعلوم، له معرفة تامة بعلم الأسماء والحروف وعلم الفراسة، وله في ذلك أشياء غريبة واستنباطات مبدعة·
وابن عربي هو الفيلسوف الصوفي المسلم الذي هز مذهبه العالم الإسلامي، وسيطرت أعماله على القيم الأخلاقية الإسلامية من القرن السابع الهجري· قسم ابن عربي العلوم إلى ثلاثة: علم العقل، علم الحال، وعلم الأسرار، هذه هي مجموع المعارف، وما سواها فروع تندرج تحت لوائها·
علم العقل، هو كل علم يحصل نتيجة نظر في دليل، بينما علم الأحوال فلا سبيل إليه إلا بالذوق أو المشاهدة، وهو علم يتلون بلون ذوقه أو بلون مشاهداته كالعلم بمرارة الصبر وحلاوة العسل، وشرطه سلامة الإدراك والبراءة من الآفات فمن يغلب على طعم فمه المرارة يجد العسل مراً، وهذا العلم يُترك لأصحابه، فلا يتحدث به إلا من ذاقه ولا يجوز إنكار الذوق على من ذاق·
أما علم الأسرار فإنه فوق طور العقل وإدراكاته، هو علم المتصوفة، والعالم به يعلم العلوم كلها، وأساسه الحكمة التي يؤتيها الله من يشاء وقد اختص الله بها الأخيار، وهو علم المشاهدة والمكاشفة·

معمار الجامع





يعتبر جامع ابن عربي من أول المباني التي أشادها العثمانيون في دمشق، فقد أنشأه السلطان سليم الأول سنة 924 هـ / 1518م بعد سنتين من احتلال العثمانيين لسوريا فوق ضريح الشيخ محي الدين بن عربي المتوفى قبل حوالي ثلاثة قرون من بناء الجامع·
يعتبر الجامع منشأة كبيرة متقشفة العناصر الزخرفية، وقد صمم الجامع المهندس العثماني شهاب الدين بن العطار· استعملت في بناء الجامع أعمدة معمارية نقلت من المباني المملوكية المهدمة، وتحديداً من دار السعادة، ويفسر الفقر الزخرفي لهذا الجامع، بأنه مع بداية الاحتلال العثماني لسوريا، لم يكن هناك اهتمام كبير بها، ولم تكن العمارة العثمانية قد استقرت بعد، لأن جزءاً أساسياً من بناء الجامع أقيم على الطراز المملوكي·
بوابة الجامع منخفضة ينزل لها بعدة درجات ويبدو أنها قديماً لم تكن كذلك، إنما كان الجامع على مستوى الأرض وخلفه منطقة منخفضة، يؤدي الباب إلى صحن الجامع، وفي الجهة الشرقية من الصحن تقع غرفة الأضرحة، ينزل إليها بعدة درجات، وهي عبارة عن قاعة مستطيلة تغطي جدرانها بلاطات القاشاني الزرقاء المزخرفة، وتعلوها قبة ملساء مدببة تستند إلى رقبة مضلعة بطبقة واحدة مؤلفة من اثني عشر ضلعاً، مفتوح فيها اثنتا عشرة نافذة مقوسنة، وفوقها زخرفات للقبة على الطراز العثماني·












مئذنة الجامع



شيدت مئذنة الجامع على الطراز المعماري المملوكي، لأن العثمانيين كانوا حديثي العهد في فن العمارة، وقد أطاح زلزال عام 1173 هـ / 1759 م برأس المئذنة، فأعيد بناؤه ورممت الأقسام المتضررة· يصف ولتسينجر في كاتبه الآثار الإسلامية في مدينة دمشق، هذه المئذنة فيقول: تقوم المئذنة إلى جانب البوابة الخارجية للجامع، وهي مغطاة بشمسية بارزة محلاة بزخارف عثمانية متأثرة بفن الباروك الأوروبي· يعتبر هذا التصميم نوعاً من التداخل بين المفهومين التركي والعربي· ومن المرجح أن تكون المئذنة في الأصل أقل ارتفاعاً من وضعها الحالي، وهي تتألف من الأسفل من جذع مثمن أصم، مقرنصات، شرفة محاطة بتصوينة حجرية مخرمة بأشكال هندسية دقيقة، ويلي هذه الشرفة بقية الجذع الذي يتقلص نحو الأعلى، ولا بد أن المئذنة كانت مغطاة بقلنسوة وذلك لأن حجم الجذع يتقلص نحو الأعلى بخط منحن·
وتزين بقية الجذع أشرطة أفقية وأخرى مسننة، ويلي تلك الأشرطة شرفة مؤذن ثانية ولكنها صغيرة وهي ترتكز على مقرنصات يعلوها طنف متقلص لعله كان مكاناً للبصلة القاهرية، ويحتمل أن يكون باقي الجذع والقلنسوة التركية المدببة الحالية جددا تجديداً مؤخراً· وتبدو تصوينة المؤذن الثانية المؤلفة من 12 شبكا حجريا وكأنها من أصل بيزنطي·
من الواضح أن النصف الأسفل لهذه المئذنة والذي ينتهي بالمقرنصات التي تعلوها شرفة المؤذن الأولى، هي نموذج الطراز المملوكي الذي ينتهي هنا· ثم تبدأ المئذنة بطراز عثماني بزخارف مختلفة الطراز عن القسم الأسفل، مما جعل المئذنة طرازاً هجيناً تعود إلى أزمنة مختلفة·


أضرحة الجامع





في الغرفة المستطيلة التي تحتوي على ضريح محي الدين بن عربي، هناك عدد آخر من الأضرحة التي تجاوره في المكان· فقد دفن إلى جانب ابن عربي ولديه سعد الدين وعماد الدين، إضافة إلى ثلاثة قبور، واحد منها للأمير عبد القادر الجزائري، الذي نفته فرنسا إلى سوريا بعد الثورة التي قادها ضدها، وقد نقل رفاته إلى الجزائر بعد الاستقلال وبقي الضريح الخشبي في موضعه· وهناك ضريح للشيخ محمد أمين الخربطلي ناظر الجامع الأسبق، وهناك ضريح لمحمود سرّي باشا صهر الخديوي إسماعيل حاكم مصر، وتذكر المصادر التاريخية أن راشد باشا والي سوريا العثماني مدفون في المكان أيضاً·
مكان مبارك
يتعامل الدمشقيون مع ضريح ابن عربي بوصفه مكاناً مباركاً، وفي كل وقت يوجد من يتبارك بضريح الشيخ الصوفي، وليس بمستغرب أن يجد الزائر بعض الدمشقيين يوزعون بعض المعونات على باب الجامع بعد الصلاة· والجامع معروف بتواجد المساكين فيه، وفي محيطه، ليس فقط لأن ابن عربي كان متصوفاً، فهناك مقابل الجامع تقع التكية السليمية ، وميزة هذه التكية أنها منذ حوالي خمسة قرون ما زالت توزع الطعام مجاناً على المساكين إلى اليوم، وهو سبب آخر يجعل المساكين ينتظرون بالقرب من جامع ابن عربي حسنات التكية أو حسنات المارين الذين قرروا أن يوزعوا بعض الأشياء على باب الجامع المبارك·